كيف صنع غوارديولا أعظم فريق كرة القدم في العالم؟

عندما يقود جوسيب غوارديولا فريقه إلى ملعب ويمبلي السبت المقبل ليواجه مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا وإكمال دورته المهمة في تاريخ برشلونة، فإنه لا يمكن لأي شخص أن يكون أكثر تمثيلاً وأهمية منه لناديه. ومثل مانشستر يونايتد، فإن برشلونة فاز بكأس أوروبا في عام 1992 على ملعب ويمبلي القديم عندما كان غوارديولا عضواً في الفريق الذي احتفل بالفوز آنذاك.
تربى غوارديولا في بلدة سانتبيدرو التي تبعد مسافة ساعة بالسيارة إلى الشمال الغربي من العاصمة الكاتالونية، وتمت نشأته خلال فريق الشباب ولعب في الفريق الأول ثم قام بتدريب الفريق الاحتياطي قبل أن يخطو خطوته في وظيفة التدريب التي يشغلها لحد الآن.
في مقاعد كبار الشخصيات في ويمبلي ستراقب شخصيتان هولنديتان ارتبطت بالنادي المباراة النهائية بفخر: يوهان كرويف، الذي أحيا برشلونة من جديد لاعباً ومدرباً وليس أقلها في اعطاء غوارديولا أول فرصة للمشاركة ضد قادش في كانون الأول/ديسمبر 1990.
وسيكون الثاني رونالد كومان، الذي اختير أفضل لاعب في تشكيلة برشلونة عندما سجل هدف المباراة الوحيد في ويمبلي ضد سمبدوريا من ركلة حرة في الوقت الاضافي.


وفي حين أن العديد يدركون مدى التأثير الكبير لكرويف على غوارديولا ونهضة الفريق الحالي وشهرته والذي يضم أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، تشافي وأندريس انيستا وليونيل ميسي، فقد كان لكومان دوراً فريداً أيضاً.
وبعد وقت قصير من بلوغه الـ19 عاماً، شارك غوارديولا النحيل للمرة الأولى في الفريق الأول ضد قادش، وصدرت تعليمات له بالمشاركة في غرفة واحدة في رحلات برشلونة مع كومان الذي أصبح واحداً من نجوم كرة القدم في العالم.
ويتذكر اسطورة هولندا ذلك بشكل جيد، إذ قال مؤخراً: "عندما اختار كرويف بيب في التشكيلة الأساسية قال لي: ينبغي عليك الاعتناء بهذا الصبي وستكون أستاذه، ساعده على تطوير نفسه وتأكد من أنه يتعلم الأسلوب الهولندي في اللعب ومن الآن وصاعداً سيكون زميلك في الغرفة".
وأضاف كومان: "كان بيب شاباً رائعاً وكان حريصاً على التعلم ويريد أن يعرف كل شيء، ومنذ البداية كان يسألني عن أكاديمية الشباب في اياكس وكيفية التدريب فيها وماذا يفعلون وكيف يلعبون... كان يريد أن يعرف عن المدرسة الهولندية لكرة القدم أكثر من أي لاعب آخر، ويريد أن يعرف عن اللمسة الواحدة للكرة وكيفية اللعب في المراكز، وكان لديه نهماًَ من الجوع للحصول على المعلومات واهتمام كبير باللعبة. وكانت هناك أشهراً قضيت المزيد من الوقت معه أكثر مما قضيته مع زوجتي، حيث كنا معاً دائماً في معسكر التدريب أو في الفنادق عندما كان برشلونة يسافر إلى كل أنحاء أوروبا. وما أدهشني أن بيب كان شاباً عادياً جداً وكان مؤدباً ولطيفاً ولم يكن متغطرساً، ولم يشأ أن يتصرف مثل نجم كبير كونه يلعب لبرشلونة. أتذكر أنه كان يقود فولكسفاغن غولف قديمة عندما انضم  إلى النادي، وبعد ثلاث سنوات مع الفريق الأول كان ما يزال يقود فولكسفاغن غولف".
وحكاية كومان تقودنا إلى لاعب آخر، الكسندر هيلب، لاعب ارسنال السابق وبرشلونة، الذي قال إنه حاول بصورة غريزية اختيار سيارة أودي الأكبر والأقوى عندما قدمت شركة أودي الراعية للنادي سيارات جديدة للاعبين بعد فوزهم بدوري أبطال أوروبا قبل أن يوبخه كابتن برشلونة تشافي، قائلاً له: "لا يمكنك أن تختار ذلك لأن جماهير النادي ستنظر إلينا نظرة احتقار".
ومثل هذه التهمة لا يمكن توجيهها أبداً ضد غوارديولا، في حين لا أحد يستطيع أن يجسّد برشلونة أكثر من مدربه. وتحولت غريزة غوارديولا الاسبوع الماضي إلى الثقة والفخر نحو المدربين الماهرين الذين قاموا بتدريبه ورعايته، إذ قال: "جميع المدربين في حياتي المهنية كلاعب كانوا مهمين ولكن كرويف كان الأهم. كان رائعاً في التدريب والتكتيكات وساعدني على فهم الملايين من التفاصيل التي تقرر المصير ولماذا نفوز في بعض المباريات أو نخسر في أخرى وطريقته الإدارية في غرفة تغيير الملابس".
واتفق كومان مع تقييم غوارديولا عن كرويف بقوله: "وضع الأسس التي نراها الآن في كامب نو وكان مسؤولاً عن هذا التحول الكبير في برشلونة لوقف سيطرة ريال مدريد، ففي العامين قبل انضمامي إلى النادي وقبل أن يبدأ بالتألق فعلاً قام كرويف بخطوات كبيرة وجريئة وواضحة حيث تخلص من عدد من اللاعبين الكبار وجلب وجوهاً جديدة. قال كرويف وداعاً لأسماء كبيرة مثل غاري لينيكر الذي كان واحداً من أفضل المهاجمين في العالم في ذلك الوقت، ولم يكن السبب عدم تقدير الهولندي للمهاجم الانكليزي، بل لأنه لم يكن يصلح للأسلوب الذي كان في ذهن كرويف لفريق برشلونة الجديد".
وتشكيلة 4-3-3 التي يلعب بها البراسا الآن تطبق في كل أنحاء العالم. ويعترف النقاد، الأكثر حسداً، على النجاح الهائل لنظام الشباب في أكاديمية النادي. وعندما انضم كرويف إلى برشلونة كان هناك حلماً مثالياً في ذهن صاحب الرؤية، فقد شاهد اياكس يفعل الشيء نفسه تحت إدارة رينوس ميشيل والفوز ثلاث مرات بكأس أوروبا في سبعينات القرن الماضي، عندما قال لرئيس برشلونة جوسيب لويز نونيز إنه يمكن تكرار ذلك على ملعب كامب نو.
ودع برشلونة طريقة 4-4-2 ولم يستخدمها كرويف أبداً وقدم أسلوب 4-3-3 وبعد ذلك 3-4-3 مع ثلاثة مدافعين فقط. فالطريقة التي لعب بها برشلونة تحت إدارة كرويف كانت "ثورية" في نظر معظم اللاعبين.
ويقول كومان عن ذلك الوقت: "لعبنا بمخاطر كثيرة حتى انني لم أكن مدافعاً حقيقياً، فقد كنت أتقدم إلى خط الوسط كلما أمكن ذلك، وكنا نندفع إلى الأمام في كل مباراة. لقد خلقنا لعباً رائعاً للمشاهدة في أغلبية مبارياتنا، وكان كرويف محقاً في ذلك وأثبت في عام 1992 على ملعب ويمبلي عندما أطلقت الجماهير علينا تسمية "فريق الأحلام".
ما الذي يجعل غوارديولا مؤثراً جداً هو أنه طبق النموذج الذي سلم إليه من قبل كرويف والهولنديين الاخرين، لويس فان غال وفرانك ريكارد، الذين فازوا مرتين بكأس أوروبا خلال الـ14 عاماً وطوروا الفريق بعد ذلك. وموعد يوم السبت المقبل في ويمبلي ستكون فرصة لفوز غوارديولا للمرة ثانية بكأس دوري أبطال أوروبا في غضون ثلاث سنوات فقط من توليه مهمة تدريب برشلونة.
وضعف خط الدفاع الذي أشار إليه كومان بدا واضحاً في الآونة الأخيرة كما في فريق ريكارد عام 2007، فقد تم القضاء عليه من خلال هاجس غوارديولا مع لاعبيه لاغلاق خصومهم. وقال كومان: فريق برشلونة الحالي هو الأكثر اكتمالاً. كان لدينا فريقاً ولعبنا كرة قدم رائعة لفترات ولكننا لم نتمكن من الحفاظ على مستوى عالٍ في كل أسبوع أو كل شهر ولمدة عام كامل. ولكن تشكيلة برشلونة الحالية تستطيع أن تفعل ذلك. إن مستوى أداء التشكيلة لم ينخفض أبداً، وهذا أمر مدهش".
إنه الشيء الذي لا يصدق الآن للإشارة إلى الشكوك التي احيطت بارتفاع غوارديولا من مدرب لفريق برشلونة (ب) من قبل رئيس النادي السابق خوان لابورتا. وجاء ذلك في وقت عدم الاستقرار الكبير وبدء المقامرة الصارخة ليس أقلها عندما افرج عن لاعبين من أمثال رونالدينيو وترقية بيدرو الاستثنائية من أكاديمية النادي.
ومع ذلك، سيبدأ مع نهاية هذا الأسبوع مشوار تدريب غوارديولا، الذي شهد جمع 7 ألقاب لبطولات كبرى خلال ثلاث سنوات – 9 ألقاب إذا تم ضم مباراة افتتاح الموسم – التي يمكن أن تصل إلى المعالم الرئيسية.
وفي عامه الأربعين يمكن أن يضيف غوارديولا الجائزة الثانية لكأس دوري أبطال أوروبا، فيما انتظر السير اليكس فيرغسون، المدير الفني لمانشستر يونايتد حتى بلغ الـ57 عاماًُ ليفوز بهذه البطولة بينما نظيره في ارسنال ارسين فينغر مايزال ينتظر تحقيق ذلك وهو في الـ61 عاماً، فيما يقف غوارديولا على الحافة لتحقيق ذلك مرتين.
كومان والحد من خطورة ميسي
يقول رونالد كومان عن كيفية الحد من خطورة ليونيل ميسي: "إذا اعطيت لميسي مساحة وسمحت له بالتنقل بحرية بين خطي الوسط والدفاع فإنه سيحاول الاستفادة القصوى من هذه الحرية التي يشتهيها، لذلك يحيرني لماذا تبقي كل الفرق التي تواجه برشلونة قلبي الدفاع جنباً إلى جنب. وإذا لعب قلبي دفاع مانشستر يونايتد ريو فرديناند ونيمانيا فيديتش جنباً إلى جنب على طول الخط الخلفي، كما يفعلون عادة في المباريات النهائية على ملعب ويمبلي، فإنهما سيتعرضان لمصاعب كبيرة. وينبغي على أحدهما أن يتحرك في بعض الأحيان إلى وسط الملعب، وإذا كان لبرشلونة لاعباً اضافياً دائماً بالإضافة إلى تشابي وسيرجيو بوسكيتس واندريس انيستا، فإنه سوف لن يعطي أي فرصة لتحرك مانشستر يونايتد.
على الشياطين الحمر أن يعطي حرية الحركة لواحد من قلبي الدفاع للخروج من مركزه التقليدي. إذا اقترب فرديناند أو فيديتش من ميسي وتابعه في خط الوسط، سيقوم الأخير بالانحراف إلى الأجنحة حيث يمكن مضايقته بواسطة فابيو أو باتريس ايفرا، عندها سيبتعد الخطر الأكبر بعيداً، وسيحاول الأرجنتيني الاختراق إلى منطقة الجزاء من الوسط.
ما يدهشني أيضاً هو عدم محاولة أي فريق حتى الآن من وضع لاعب لمراقبة ميسي لمدة 90 دقيقة. ويمكن أن يكون هذا خياراً جيداً لفريق فيرغسون، على رغم أنه يمكن أن يكون لبرشلونة خطة عندما يلعب أي فريق بهذه الطريقة للحد من لاعبها الأكثر خطورة، ولكن النادي الاسباني ليس غبياً وسيتم مناقشة هذه الحالة إذا حدثت حيث لم يتم تجربتها واختبارها بعد.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة مدونة كل شي 2013

تصميم : Modawenon-Team